خطر انهيار نظام الأسد في سوريا على الإستراتيجية الروسية في إفريقيا

  • الرئيسية
  • خطر انهيار نظام الأسد في سوريا على الإستراتيجية الروسية في إفريقيا
Cass Banener Image
خطر انهيار نظام الأسد في سوريا على الإستراتيجية الروسية في إفريقيا

خطر انهيار نظام الأسد في سوريا على الإستراتيجية الروسية في إفريقيا

تواجه روسيا مع انهيار نظام الأسد في سوريا تهديداً كبيراً؛ بفِقْدانها قواعدها الحيوية شرق المتوسط، ما قد يُضعِف قدرتها على تعزيز نفوذها العسكري والاقتصادي في إفريقيا.

سيمون ماركسSimon Marks  وكاتارينا هويجي Katarina Hoije يناقشان هذا التهديد من خلال مقال مشترك لهما على موقع بلومبرغ BLOOMBERG، ويجيبان عن سؤال: هل تتمكن موسكو من إيجاد بدائل لهذه الشبكة اللوجستية؟

 

نصّ الترجمة:

تستخدم روسيا قاعدة حميميم الجوية في سوريا لنقل المقاتلين والإمدادات العسكرية إلى كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وهي دول شهدت مؤخراً انقلابات وقطعت علاقاتها مع الغرب بالتزامن مع تقارُبها مع موسكو، حيث مكّن هذا الجسر الجوي روسيا من إعادة بناء بعض نفوذها الذي يعود إلى حِقْبة الحرب الباردة في القارة الإفريقية، لا سيما في دول مثل جمهورية إفريقيا الوسطى والسودان.

قاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية في الساحل السوري تعتمد عليهما روسيا في نقل الوقود والإمدادات الروسية عَبْر السفن، وبهذه المواقع تستطيع تنفيذ توسُّع فعّال ومنخفض التكلفة لنفوذها العسكري والسياسي والاقتصادي في إفريقيا، رغم أنها قد تحتاج إلى شبكة داعمة لعملياتها في القارة، لإعادة هيكلتها لتستطيع أن تملأ الفراغ الذي خلَّفه انسحاب القوات الغربية.

إن قدرة روسيا على بسط نفوذها في إفريقيا تحتاج إلى جسر جوي موثوق، ودونه قد تنهار بشكل سريع، فالإستراتيجية العملياتية الروسية بأكملها في البحر المتوسط وإفريقيا في وضع هشّ للغاية، بحَسَب ما قاله أنس القماطي مدير معهد الصادق للأبحاث في ليبيا.

ويضيف القماطي: إن روسيا التي دعمت السلطات في شرق ليبيا تمتلك قدرات عملياتية في 4 قواعد جوية ليبية هي الخادم والجفرة والقرضابية وبراك الشاطئ، إلا أن جميع هذه القواعد ستكون بعيدة للغاية بحيث لا يمكن استخدامها في جسر متصل بموسكو بسبب قيود المجال الجوي في أوروبا.

وتحدث رسلان بوخوف Ruslan Pukhov رئيس مركز تحليل الإستراتيجيات والتقنيات في موسكو (مركز أبحاث متخصص في شؤون الدفاع) عن أهمية خسارة روسيا لقواعدها في سوريا، قائلاً: "سوف يُشكّل فِقْدان القاعدة الجوية في سوريا خسارة كبيرة على المستوى العملياتي في إفريقيا، فكل الإمدادات كانت تمر عَبْر حميميم، وهذا مهم بشكل خاصّ لدولة لا تمتلك ميناء مثل جمهورية إفريقيا الوسطى".

إعادة بناء النفوذ

بدأت جهود موسكو لإعادة بناء النفوذ في إفريقيا فعلياً عام 2018، عندما تم نشر مرتزقة من مجموعة "فاغنر" المرتبطة بالكرملين في جمهورية إفريقيا الوسطى غير الساحلية للدفاع عن رئيسها المُحاصَر ضدّ هجوم المتمردين، وفي عام 2019 كان لمقاتلي "فاغنر" دور رئيسي في محاولة الزعيم الليبي الشرقي خليفة حفتر الاستيلاء على العاصمة طرابلس.

ومنذ ذلك الحين أرسلت روسيا مقاتلين إلى مالي والنيجر وبوركينا فاسو، إلى جانب إرسال الأسلحة، لتعزز بذلك أكبر حضور عالمي لها خارج الكتلة السوفياتية السابقة، ومع التغيُّرات في سوريا أصبح هذا الدعم في خطر الآن، إلا أن مؤيدي حكومات تلك الدول يزعمون أن روسيا سوف تجد وسيلة لمواصلة مساعدتهم.

يعتقد الكثيرون أن لدى روسيا حلولاً لمواصلة الدعم للحكومات التي دافعت عن استيلائها على السلطة في القارة الإفريقية، حيث يقول فيديل غوانديكا Fidele Gouandjika مستشار رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى: إن روسيا لديها خطة بديلة حتى تظل طُرُق إمداداتها إلى إفريقيا سليمة، سواء باستخدام ليبيا نقطة انطلاق بعد تعزيزها، أم الوصول إلى جمهورية إفريقيا الوسطى عَبْر موانئ في الكاميرون أو جمهورية الكونغو، لذلك لن تكون هناك عواقب على جمهورية إفريقيا الوسطى المستعِدّة لمساعدة الكرملين في إرسال الإمدادات والجنود من روسيا إلى الحكومات في منطقة الساحل إذا لزم الأمر".

وكرر إبراهيم حميدو رئيس دائرة اتصالات رئيس الوزراء الذي عينه المجلس العسكري في النيجر عام 2023 الرأيَّ نفسَهُ، وقال: "إن سقوط الأسد لن يغير علاقاتنا مع روسيا؛ يمكن لروسيا أن تجد طُرُقاً أخرى لدعم النيجر، من خلال تركيا على سبيل المثال".

ورغم أن تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي سمحت لبعض رحلات الشحن الروسية إلى ليبيا بالمرور عَبْر مجالها الجوي، إلا أنه لا يوجد ما يشير حالياً إلى أنها يمكن أن تكون بديلاً للجسر الجوي الروسي في سوريا، خاصة أن مصالح الطرفين (روسيا وتركيا) في إفريقيا غالباً ما تتباين.

كذلك ترى مونيك يلي كام Monique Yeli Kam ، وهي سياسية في بوركينا فاسو تدعم المجلس العسكري وعلاقاته القوية مع روسيا، إذ تقول: إنَّ ليبيا أيضاً هي خيار لمساعدة موسكو في الحفاظ على نفوذها في القارة.

لقد كان لروسيا دور رئيسي في الحرب الأهلية السودانية التي استمرت 20 شهراً، حيث قامت مؤخراً بدعم الجيش السوداني في حربه ضدّ ميليشيا قوات الدعم السريع، في المقابل تُواصل روسيا ضغطها من أجل إنشاء قاعدة لها على ساحل البحر الأحمر في البلاد، وهو حلم قديم من شأنه أن يوسع نظرياً شبكتها اللوجستية.

لن يكون من السهل الحفاظ على شبكة النفوذ الروسية المترامية الأطراف في إفريقيا، وفقاً لأولف ليسينغ Ulf Laessing مدير برنامج الساحل في مؤسسة كونراد أديناور Konrad Adenauer (مؤسسة بحثية ألمانية)، حيث يقول ليسينغ: إن سقوط الأسد سيعوق بشكل كبير العمليات العسكرية الروسية في إفريقيا؛ فكل الرحلات الجوية لإمداد المرتزقة، وتبديل القوات، وجلب الذخيرة والأسلحة الجديدة كانت تمرّ عَبْر سوريا، ومن الصعب للغاية السفر بطائرة نقل محملة بالكامل من روسيا إلى إفريقيا دون النزول في محطة للتزوُّد بالوقود.

وأضاف ليسينغ: أنه إذا فقدت روسيا قدراتها اللوجستية أو العملياتية في إفريقيا (مثل الجسر الجوي عَبْر قاعدة حميميم)، فستحتاج إلى تعديل إستراتيجيتها، مما سيؤدي إلى زيادة التكاليف وصعوبة الحفاظ على مستوى النفوذ نفسِهِ والعمليات في القارة.

 

المصدر: موقع بلومبرغ BLOOMBERG

ترجمة: عبدالحميد فحام

 

  • الوسوم:


مواد ذات صلة
الجيش السوداني يستعيد زمام المبادرة
هل تسعى النيجر لمنح مناجم اليورانيوم في أراضيها لروسيا؟