مطلع فبراير/ شباط 2024 استطاعت طائرة مسيرة تركية -بيرقدار2- تشغّلها القوات البوركينابية استهداف قافلة لتنظيم الدولة في مقاطعة أودالان شمالي البلاد كانت متجهة نحو المثلث الحدودي مع مالي والنيجر، مما أدى لمقتل خمسة أشخاص من عناصر التنظيم بينهم قياديون، وتدمير عدة سيارات ودراجات نارية يستقلونها.
وقد علم مركز دراسات الأمن الإفريقي لاحقاً أن القيادي عبد المالك الفولاني (هارونا أوليل) أحد أهم القيادات العسكرية في ولاية الساحل التابعة لداعش، كان من بين القتلى إلى جانب القيادي أبي الدرداء الموريتاني.
من المرجّح أن عبد المالك والقيادات التي كانت معه قلّلت من شأن إمكانية استهدافهم عَبْر الطائرات المسيرة، خاصة أن المنطقة تخضع بشكل شِبه كامل لسيطرتهم، مما يؤكد أن الضربة ناتجة عن أحد احتمالين، إما أن تكون ضربة اعتيادية لرتل للجماعة الجهادية، أو أن يكون استهدافاً دقيقاً مبنيّاً على معلومات مسرّبة من عناصر من التنظيم أو عَبْر شخصيات قريبة من القيادي المستهدَف، خاصة أن عبد المالك مطلوب للسلطات البوركينابية منذ 2017 ، وقد أعلنت في عام 2020 عن جائزة مقدارها 150 مليون فرنك إفريقي -تعادل 250 ألف دولار- لمن يقدم معلومات تؤدي للقبض عليه.
ماذا وراء الاستهداف؟
في ظل الحالة الطبيعية لتنقُّلات تنظيم الدولة -بعد سيطرته على مناطق واسعة في المثلث الحدودي بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر- فقد عمد التنظيم إلى التخفيف من الإجراءات الأمنية المتبعة، والتي تقضي بتقليل عدد القياديين المتنقلين مع بعضهم البعض، والاعتماد بشكل رئيسي على الدراجات النارية بصورة فردية، إلا أن الهجوم المشار إليه استهدف شاحنة نقل تحمل مئات البنادق والقنابل اليدوية والعديد من صناديق الذخيرة، كان التنظيم بصدد نقلها من مناطق سيطرته شمال بوركينا فاسو إلى مناطق انتشاره في ولاية ميناكا الماليّة.
تعود أهمية الاستهداف إلى كون (الفولاني) واحداً من أبرز القيادات التي رافقت عدنان أبو الوليد الصحراوي مؤسس فرع ولاية الساحل في داعش عام 2015، وقد كان له دور رئيسي في استقطاب العشرات من العناصر الفولانيين في المنطقة لصالح تنظيم الدولة الإسلامية، مما ساعد على تعزيز حضوره فيها.
بعد الاغتيال.. هل ستتراجع عمليات داعش؟
لا يقتصر حضور داعش على القياديين البارزين في التنظيم، وإنما على حرصه على إقامة الروابط الاجتماعية واستقطاب العناصر في جميع المناطق التي ينتشر فيها، وبالتالي فإن كثافة عمليات التجنيد التي استطاع التنظيم تفعيلها في العديد من مناطق عرقية الفولاني المنتشرة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر جعلت حضور التنظيم في المنطقة متجذراً إلى حد كبير.
بناءً على ذلك، فإنه بالرغم من مقتل عبد المالك ومعاونيه إلا أن هذا لن يُنهي حضور التنظيم في المنطقة، خاصة مع استمرار تصاعُد عملياته منذ عام 2017 بشكل مطّرد، وبالتالي فإن داعش سيظل يشكل تهديداً كبيراً لغرب القارة الإفريقية عموماً ومنطقة الساحل خصوصاً.