أهداف المساعي الروسية لتطوير العلاقات مع تشاد

  • الرئيسية
  • أهداف المساعي الروسية لتطوير العلاقات مع تشاد
Cass Banener Image
أهداف المساعي الروسية لتطوير العلاقات مع تشاد

أهداف المساعي الروسية لتطوير العلاقات مع تشاد

للمرة الأولى في تاريخ العلاقات المتبادَلة بين روسيا وتشاد زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 5 حزيران/ يونيو 2024 العاصمة التشادية نجامينا، ليكون في استقباله رئيس جمهورية تشاد محمد إدريس ديبي، ووزير الخارجية والتكامل الإفريقي عبد الرحمن غلام الله، وقد سبق ذلك زيارة الرئيس التشادي -أثناء توليه رئاسة المرحلة الانتقالية- أواخر يناير 2024 ، فزار روسيا على أمل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وهو ما أكده الرئيس فلاديمير بوتين في ذكره لإعداد الطرفين لحزمة من القوانين والاتفاقيات التي ستتيح لروسيا تقديم المزيد من المساعدات لجمهورية تشاد. 

تؤكد مصادر لمركز دراسات الأمن الإفريقي أن قضايا النقاش بين المسؤولين التشاديين والوزير الروسي في زيارته لنجامينا حول تطوير العلاقات الاقتصادية والاستثمار في قطاع النفط، وتقديم روسيا منحاً متنوعة للطلاب التشاديين في مجالات الهندسة الزراعية والمدنية وقطاع التعدين، إلى جانب زيادة التعاون الأمني مع روسيا في منطقة دول الساحل على نحو تكاملي. 

كيف بنى الفرنسيون نفوذهم في تشاد؟ 

كان للفرنسيين دور بارز في مساعدة التشاديين فيما يُعرف بحرب التويوتا عام 1987 ، مما أدى لإخراج الليبيين والقوات التشادية المعارِضة آنذاك من البلاد، ومع تسلُّم محمد إدريس ديبي إتنو والد الرئيس الحالي للحكم، دعمته القوات الفرنسية بشكل فعلي عدة مرات في وجه المتمردين، في أعوام 2006، وفي تمرُّد 2008، و2019، وبالرغم من برودة العلاقات بين الطرفين في 2021 إلا أنها سعت لدعمه في وجه المتمردين الذين استطاعوا اغتياله آنذاك. 

تدهورت العلاقات بين البلدين منذ ترؤُّس محمد إدريس ديبي الابن المجلس الانتقالي العسكري المكوَّن من 15 جنرالاً من كبار الضباط في إبريل 2021، حيث سعت فرنسا لإجراء انتخابات خلال شهور قليلة من بَدْء المرحلة الانتقالية، إلا أن الرئيس الابن رفض ذلك ومدّد المرحلة الانتقالية حتى مايو 2024 بما يزيد عن ثلاث سنوات. 

في هذه الأثناء نفَّذ الرئيس الابن عمليات عزل واضحة لبعض الجنرالات المرتبطين بفرنسا، فعلى سبيل المثال عزل الجنرال أحمد كوجري مدير وكالة الأمن الوطني للدولة بدعوى دوره في قمع مظاهرات يناير عام 2022، وبالرغم من ذلك استمر حضور الجيش الفرنسي في البلاد بانتشار ألف جندي فرنسي في ثلاث قواعد عسكرية فرنسية في تشاد. 

أعلن المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي إلى إفريقيا في السابع من مارس/ آذار أن الجيش الفرنسي سوف يظل في تشاد لدعم "استقلالها"، من دون شروط مسبقة على ما يبدو (وكالة الصحافة الفرنسية ، 15 مارس/ آذار). 

قريباً من الحضور الفرنسي قد صنع الرئيس الابن انقسامات داخل النخبة العسكرية والبيروقراطية الحاكمة في قبيلة الزغاوة، وذلك من خلال إحالة العديد من الجنرالات الكبار المقربين من والده -بينهم عمه شقيق والده- إلى التقاعُد، إلى جانب قمعه مسيرة السياسي المُعارِض يحيى صالح ديلو -ابن عمة الرئيس ديبي الابن- مما أدى لتصفيته داخل منزله في فبراير 2024، في حين أنه رقّى ضباطاً ليحيطوا به من العرب قبائل أخواله القرعان (التبو) إلى جانب مشاركته في تسهيل الدعم المقدَّم لقوات ميليشيا الدعم السريع السودانية عَبْر فتح مطار أنجمينا لصالح قوافل الإمداد القادمة من الإمارات من جهة وقوات ميليشيا "فاغنر" الروسية من جهة أخرى لصالحها رغم معارضة مشايخ قبيلة الزغاوة الحاكمة لهذه الخُطوات. 

هل تسعى روسيا لإنهاء النفوذ الفرنسي في تشاد؟ 

من الأجدر الوقوف عند سؤال: هل تعمل تشاد على تنويع شركائها بالتعاون مع روسيا، أم أنها تتجه بشكل أعمق للتحالف مع روسيا على حساب القُوى الغربية النافذة فيها، خاصة فرنسا والولايات المتحدة؟ 

في إبريل 2024 أخطر الجنرال أمين إدريس رئيس أركان القوات التشادية -المحسوب على فرنسا- القوات الأمريكية المتمركزة في قاعدة (آدجي كوسي) بإيقاف أنشطتها لعدم إيفائها بتعهُّداتها بضبط الأمن، مما يمنع تبرير استمرار وجودها في القاعدة، وبالرغم من أن معظم عناصر القاعدة ما زالوا فيها إلا أنه لُوحظ انسحاب 75 من عناصر القوات الخاصة المتمركزين فيها إلى ألمانيا أواخر يونيو 2024، وقد سبق ذلك -بشكل فعلي- انسحاب الجنود الأمريكيين في النيجر بعد طلب سلطات المجلس العسكري الانتقالي منهم الخروج من البلاد بعد أن سبق للمجلس أن طلب منها الانسحاب من القاعدة الأمريكية شمال شرق النيجر في إبريل 2024، ليحل محلها توجُّه واضح للبلاد للتعاون العسكري والأمني مع ما يُعرف بالفيلق الروسي الإفريقي -"فاغنر" سابقًا-. 

في هذا الإطار، تؤكد معلومات خاصة لمركز دراسات الأمن الإفريقي وصول ما لا يقلّ عن 50 عنصراً من المخابرات الروسية الخارجية إلى مطار نجامينا الدولي، حيث استقبلهم مسؤولون في المخابرات التشادية، وتمت مرافقتهم إلى العاصمة نجامينا، دون معرفة الغاية من حضورهم، وإنْ كان بالإمكان التخمين بأن الغاية تتعلق باقتراح معايير ممكنة لهندسة اتفاقية أمنية تتيح تمركُز قوات الفيلق الروسي في بعض مواقع حقول النفط التشادية التي يمكن أن تتولى إدارة الإنتاج فيها شركات روسية. 

من غير المرجَّح حلول روسيا محل المعسكر الفرنسي والأمريكي، إلا أنهم شركاء إستراتيجيون محتملون، ومع تصاعُد الحضور الروسي في دول الساحل، فإنه من الممكن أن تنحاز تشاد لروسيا تدريجيّاً، بما يدعم تحقيق مصالحها في القارة من جهة، ويحفظ منظومة الحكم الحالية في تشاد من ناحية أخرى. 

في هذا الإطار لا بُدّ أن تُقدِّم روسيا لتشاد إمكانات متقدِّمة في إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة، ورَفْد الطرفين بالخبرات الروسية، مما يتيح لمنظومة الحكم التحكُّم بشكل أعمق بمفاصل هذه القُوى، ويُحجّم النفوذ الفرنسي فيها، حيث من المرجَّح أن يلقى تحرُّك الرئيس التشادي الممكن لاستبدال النفوذ الفرنسي بالحضور الروسي مقاومة من جانب عدد كبير من قيادات القوات المسلحة. 

 

 



مواد ذات صلة
تنظيم الدولة الإسلامية يتمدَّد في موزمبيق
لقاء ليبي ثلاثي في القاهرة