أبعاد بيع مناطق صحراوية للأجانب في مصر وانعكاساته

  • الرئيسية
  • أبعاد بيع مناطق صحراوية للأجانب في مصر وانعكاساته
Cass Banener Image
أبعاد بيع مناطق صحراوية للأجانب في مصر وانعكاساته

أبعاد بيع مناطق صحراوية للأجانب في مصر وانعكاساته

بتاريخ 4 كانون الثاني/ يناير 2024 أقر البرلمان المصري بصفة نهائية التعديلات المقترحة على قانون الأراضي الصحراوية (143) لعام 1981 بهدف السماح للمستثمرين الأجانب بامتلاك الأراضي الصحراوية في مصر دون قيود، بهدف زيادة الاستثمارات الأجنبية في البلاد وإحياء الأراضي الصحراوية، مما يفتح الباب على جملة من التساؤُلات حول سبب هذه الخُطوة وتوقيتها وانعكاساتها المستقبلية.  

من الملاحَظ أن إعلان الحكومة عن تقديمها لمقترحات تعديل القانون جاءت بداية دون تحديد أي تفاصيل ضِمن القانون، حيث أرادت الحكومة قياس ردّة فعل الشارع حول القرار ومدى قبوله له أو رفضه لضمان مرور القانون، خاصة مع ما أُشيع عن إمكان استثناء جنسيات معيّنة -الجنسية الإسرائيلية- لإقناع المتخوّفين من القانون بعدم تشكيله أي خطرٍ على الأمن القومي؛ علماً أن الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" كان قد أصدر قراراً جمهورياً مطلع عام 2023 يقضي بتخصيص سبعة وثمانين فداناً لصالح القوات المسلحة في شمال سيناء ووسطها.  

وافق البرلمان المصري على التعديلات المقترحة التي تنصّ على السماح للأجانب بتملُّك الأراضي الصحراوية في سيناء، وتمنح المستثمر الأجنبي الحق في الحصول على الأراضي اللازمة لمزاولة نشاطه أو التوسع فيه دون التقيد بنصوص قانون الأراضي الصحراوية الصادر عام 1981 التي تنص على "وجوب ألا تقلّ ملكية المصريين عن ٥١% من رأس مال الشركة وألا تزيد ملكية الفرد على 30% من رأس مالها، واقتصار التملك على المصريين فقط".  

القرار الجديد.. المحرّكات ودلالة التوقيت  

تقف خلف القرار العديد من المسببات المباشرة، كالأزمة الاقتصادية الحادة التي تواجهها مصر، وتتجلى بشكل خاص في ارتفاع سعر صرف القطع الأجنبي، مما نتج عنها ارتفاعٌ حادٌّ في أسعار تصريف العملات الأجنبية في السوق السوداء، وكان من جملة المساعي الحكومية لإيجاد حلول فعلية لهذه الأزمة البحث عن ضخ استثمارات أجنبية في البلاد، ويُعَدّ بيع الأراضي الصحراوية في مصر للمهتمين من الأجانب بوّابة من البوابات التي تجذب الاستثمارات الأجنبية إليها.  

 وبالرغم من ذلك، فإن الأزمات الاقتصادية في مصر ليست وليد اللحظة وإنما هي واقع مستمر منذ عهد الرئيس المصري الأسبق "أنور السادات"، وقد مرت الحالة الاقتصادية في مصر في عهد الرئيس "حسني مبارك" في موجات مدّ وجزر لأسباب كثيرة، إلا أن الواقع الاقتصادي في عهد الرئيس "السيسي" يشهد انهياراً غير مسبوق.  

 في هذا السياق، يتوافق القانون مع حدثين إقليميَّين مهمين، ينتج عن الوقوف عليهما أسئلة محورية، هي:  

•  حرب غزة الجارية، ومدى تأثيرها في الدفع لإقرار هذا المقترح، وما علاقته بسياق صفقة القرن وجعل سيناء وطناً بديلاً للفلسطينيين في ظل دعوات رئاسة الوزراء الإسرائيلية لذلك مرارًا؟  

•  رؤية ولي العهد السعودي المتمثلة بـ "السعودية 2030" المتمركزة -بشكل كبير- على بناء مدينة نيوم، ومدى ارتباط هذا القانون بقضية جزيرتَيْ تيران وصنافير.  

غايات وأهداف أعمق  

يبدو أن النظام المصري يتجه حاليّاً لتأكيد تعاوُنه مع المحيط الإقليمي وتكامُله لوجستيّاً معه -عَبْر فتح مجال تملُّك الأجانب في صحراء سيناء-، وقد سبق هذه الخُطوة خضوع المنطقة لبعض التغييرات الجذرية مثل تهجير أكثر من 150 ألف مواطن من سكان سيناء -منطقة رفح والشيخ زويد- بين عامَيْ 2019- 2023 والتنازل عن جزيرتَيْ تيران وصنافير في 24 حزيران/ يونيو 2017 ضِمن ما يُعرَف بـ"اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية"، كما أكدت المعلومات الميدانية الأخيرة قرب الانتهاء من بناء مدينة رفح الجديدة في سيناء دون توضيح أهدافها الحقيقية من جهة، ووجود تأكيدات بنقل معبر رفح نحو الغرب داخل الأراضي المصرية من جهة أخرى.  

في هذا السياق يأتي قانون تملُّك الأجانب للصحراء ليؤكد تسهيل الحكومة ومجلس النواب -بالعموم- لوجود ما يشبه التدويل في المنطقة، ويزيد من خطورة الموقف وجود أهمية دينية بالغة لسيناء في الفكر الديني الإسرائيلي، مما سيدفع اليهود للتملُّك في سيناء عَبْر بوابات جنسيات أخرى عربية -كالجنسية الإماراتية- أو أجنبية كالجنسيات الأوروبية والأمريكية، كما أن الرئيس السيسي أعطى سابقاً بعض الاستثناءات لتملُّك مواطنين ومسؤولين خليجيين لأراضٍ في سيناء -ومنهم ملك البحرين- بحسب مصادر خاصة، وقد أكّدت المصادر ذاتها أن الحكومة المصرية تعرّف سيناء بأنها مجرد صحراء، وأن الاستثمار الأجنبي فيها سينقلها لحال أفضل، في مفارَقة تُمهّد بالتأكيد لخُطوات أخرى لاحقة.  

 



مواد ذات صلة
عام على حملة مكافحة الفساد في نيجيريا
لقاء ليبي ثلاثي في القاهرة