انتقدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية "ماريا زاخاروفا" (Maria Zakharova) الدعم الأمريكي للبرامج التعليمية والإعلامية في إفريقيا، حيث رأته أداةً لترويج القِيَم الغربية وفرضها على هذه الدول، مما يُشكِّل نوعاً من "الاستعمار الجديد"، خاصة مع توجُّهه لتشويه صورة روسيا في أذهان الشعوب الإفريقية.
يؤكد "كيستر كين كلوميجا" (Kester Kenn Klomegah) في تقرير له لـ"أوراسيا ريفيو" (Eurasia Review) أهمية التعاون الإعلامي المتبادَل مع الدول الإفريقية، وتوجيهات الأكاديميين الروس في هذا الإطار، والخُطوات التي دعا إليها رئيس مجلس الدوما الروسي بهدف تعزيز الوجود الإعلامي الروسي في إفريقيا لمواجهة الروايات الغربية المناهِضة لروسيا، والانعكاسات الإيجابية لهذه الخُطوات المزمَع تنفيذها مستقبلاً.
نص الترجمة
في إحاطتها الإعلامية الأسبوعية، انتقدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية "ماريا زاخاروفا" (Maria Zakharova) دعم الولايات المتحدة للبرامج التعليمية ووسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية في إفريقيا، حيث قالت: "إن تخصيص المِنَح يتناسب مع جهود البيت الأبيض للترويج لفكرة عدم وجود بديل للمفاهيم الغربية فيما يتعلق بحَوْكَمة الدولة وفرض القِيَم الغريبة على الدول ذات السيادة، وهذا يمثل مظهراً آخر من مظاهر "الاستعمار الجديد" (neo-colonialism) وعنصراً من عناصر إضفاء الطابع الرسمي الخَفِيّ على عدم المساواة في النظام العامّ للعلاقات الدولية".
تقول زخاروفا في الإحاطة التي قدمتها للتعبير عن موقف روسيا الرسمي: إنها بحاجة إلى التعليق على الموضوع، وشرح سبب اعتقادها بسَعْي واشنطن للقضاء على البيئة الاجتماعية والسياسية الإيجابية تجاه روسيا في المنطقة.
يبدو أن الولايات المتحدة تشجع المنشورات المناهِضة لروسيا في بعض وسائل الإعلام الإفريقية عمداً، وتحاول تصوير روسيا على أنها قوة مزعزعة للاستقرار، وتضيف الإحاطة أنَّ روسيا على ثقة من أن مثل هذه الأساليب من المنافسة غير النزيهة والتضليل، تعطي دليلاً قاطعاً يؤكد عدم صحة ما يسمى "السياسة الروسية للدعاية والتضليل"، بل إن هذا الوصفَ هو نتيجة لنهج الولايات المتحدة الضعيف في مجال الدبلوماسية العامة.
ومع كل ما قيل عن الولايات المتحدة، من المهم أيضاً ملاحظة أنه منذ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، أصبحت مسألة التفاعُل والتبادل الإعلامي بين روسيا وإفريقيا مصدر قلق غير مسبوق ومحل نقاش مستمر، فبعد ما يقرب من 30 عاماً من الحقبة السوفياتية، لم تشجع روسيا وسائل الإعلام الإفريقي، خاصةً تلك المنظمات الإعلامية القادمة من جنوب الصحراء الكبرى، على العمل في الاتحاد الروسي.
من ناحية أخرى إن الوسائل الإعلامية الروسية ليست بارزة بشكل كبير في إفريقيا، وتشمل هذه الوسائل مجموعة إعلامية تعرف باسم "روسيا سيفودنيا" (Rossiya Sevogdnya، وتضم "ريا نوفوستي" و"صوت روسيا" و"سبوتنيك نيوز" و"روسيا اليوم")، ووكالة الأنباء "إيتار تاس" (TASS) ووكالة "إنترفاكس" (Interfax)، فهي وسائل إعلامية روسية قوية وذات سمعة طيبة، مقارَنةً بمعظم المؤسسات الإعلامية الغربية والأوروبية المعروفة التي تعمل في إفريقيا وتتعاون معها.
ولم يمضِ وقت طويل حتى دعا مجلس الدوما الروسي إلى زيادة الوجود الإعلامي الروسي في الدول الإفريقية، في حين أن روسيا أغلقت أبوابها أمام تقديم فرص لتمثيل الإعلام الإفريقي في الاتحاد الروسي، وخلال الاجتماع الذي تم تنظيمه لتبادل الآراء والأفكار الجديدة حول العلاقات الروسية الإفريقية الحالية، قال رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين (Vyacheslav Volodin) لسفراء الدول الإفريقية: "من الضروري اتخاذ خُطوات مشتركة حتى تعمل وسائل الإعلام الروسية في القارة الإفريقية. كما تعلمون، فإن وسائل الإعلام الروسية تقدم البثّ بلغات مختلفة، وتعمل في العديد من البلدان، على الرغم من أنه من المستحيل بالتأكيد مقارنةُ هذا الوجود بحضور وسائل الإعلام في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا"، ووعد بأن يقوم مجلس الدوما بإنشاء الأساس القانوني اللازم لهذا التعاون الإعلامي طويل الأمد.
يؤكد الخبراء الأكاديميون والباحثون أن روسيا ليس لديها وجه إعلامي إفريقي، كما أن إفريقيا ليس لديها وجه إعلامي روسي؛ وبالتالي فإن الزعماء السياسيين الأفارقة ومديري الشركات يعتمدون في ظل غياب المصادر البديلة المناسبة على التقارير الإعلامية الغربية للحصول على المعلومات حول التطوُّرات في روسيا والعالم المتقدِّم.
"إدارة الإعلام والصحافة" التابعة لوزارة الخارجية الروسية أتاحت المجال لوسائل إعلام من أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة وأوروبا والدول الآسيوية، ولم تأتِ سوى وسيلتين إعلاميتين إفريقيتين من منطقة المغرب العربي (المغرب ومصر) في شمال إفريقيا، حيث المغرب العربي هو منطقة مفضلة لدى روسيا بالإضافة إلى جنوب إفريقيا، ثم أضافت مؤخراً دولاً إفريقية ناطقة بالفرنسية إلى قائمة تفضيلاتها، ووفقاً لتفسير وزارة الخارجية الروسية، فإن هذا التمثيل الضعيف جداً لوسائل الإعلام الإفريقية لا يرقى إلى مستوى العلاقات الديناميكية الحالية المتطورة بين روسيا وإفريقيا.
على الرغم من التأكيد على أهمية افتتاح المكاتب الإعلامية (الإفريقية) والتعاون المشترك خلال قمتين أُقيمتا في مدينة "سوتشي" الساحلية الجنوبية ومدينة "سانت بطرسبرغ"، إلا أن السلطات الروسية تبدو أقل اهتماماً بوسائل الإعلام الإفريقية في موسكو، وقد أشار جميع المشاركين تقريباً في كِلتا القمتين إلى أن وسائل الإعلام الغربية تهيمن بشكل كبير في إفريقيا. وقال "ميخائيل بوغدانوف" (Mikhail Bogdanov) نائب وزير الخارجية الروسي والممثل الخاص للرئيس الروسي للشرق الأوسط وإفريقيا: "غالباً ما لا تصل الأخبار الحصرية التي تقدمها وسائل الإعلام الروسية إلى المستخدمين والمشاهدين في العديد من المناطق، بما في ذلك إفريقيا. من الواضح أن هذا الفراغ يتم ملؤه بمعلومات أحادية الجانب من جهات أخرى في سوق الإعلام، ويمكن أن تكون هذه المعلومات متحيِّزة أو معادية بشكل صريح لروسيا وسكان الدول الأخرى".
خلال قمة "روسيا – إفريقيا"، قام البروفيسور "أليكسي فاسيلييف" (Alexey Vasiliev) وهو أول ممثل خاص للرئيس الروسي للعلاقات مع إفريقيا بين أعوام 2006-2011 والرئيس الحالي منذ عام 2013 لمركز الدراسات الإفريقية والعربية في "جامعة الصداقة بين الشعوب في روسيا" (Center for African and Arab Studies at the Peoples’ Friendship University of Russia) بالتحدث في "سوتشي" قائلاً: "إفريقيا تجهل إلى حد كبير روسيا، حيث تستقي وسائل الإعلام الإفريقية المعلومات بشكل رئيسي من مصادر الإعلام الغربي ثم تقوم باجترارها، حيث يتم تكرار كل الأخبار المزيفة، والتحريض ضدّ روسيا، ونقل الدعاية المعادية لروسيا من وسائل الإعلام الغربية إلى وسائل الإعلام الإفريقية".
وقال البروفيسور فاسيلييف، الذي يقدم المشورة بانتظام للإدارة الرئاسية وحكومة الاتحاد الروسي ومجلسَي الجمعية الفيدرالية ووزارة الخارجية الروسية، "هناك حاجة إلى تدابير لتمكيننا من فهم بعضنا البعض بشكل أفضل".
ما يزال بعض الخبراء يتحدثون أن روسيا تقوم بممارسة التمييز ضدّ وسائل الإعلام من منطقة جنوب الصحراء الكبرى، حتى بعد القمتين الروسيتين الإفريقيتين، وإعلان الهدف الأساسي فيهما وهو المساعدة في تحديد مجالات وأشكال جديدة للتعاون، وطرح مبادرات واعدة من شأنها أن ترفع التعاون بين روسيا وإفريقيا إلى مستوى نوعي جديد، وتساهم في تعزيز التعاون متعدد الأوجُه بين الجهتين.
تمتلك كل من روسيا وإفريقيا أسئلة أساسية ما تزال بحاجة إلى إجابات سريعة في مثل هذا الوضع، وقد أُثيرت مثل هذه الأسئلة في المناقشات التي دارت حول وسائل الإعلام في القمة الروسية الإفريقية، ومن هذه الأسئلة:
- ما القضايا التي نواجهها حالياً في تشكيل المشهد الإعلامي الحديث؟
- ما الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام في العلاقات الروسية الإفريقية؟
- ما آفاق التعاون في مجال الإعلام؟
- ما الذي يتعين علينا القيام به لتطوير أجندة إعلامية روسية في إفريقيا؟
- ما دور روسيا ومكانتها في مجال الإعلام في إفريقيا اليوم؟
- ما الدور الذي يمكن أن تقوم به وسائل الإعلام الإفريقية في تعزيز صورة روسيا في إفريقيا؟
من الناحية العملية، فإن ما جرى في عَقْد أكثر من قمة بين روسيا وإفريقيا أمر مهم وجيد، ويتعين على وزارة الخارجية الروسية أن تضع بعض الآليات الجديدة وتتبنى نهجاً أكثرَ ملاءَمةً يمكن أن يشجع وسائل الإعلام الإفريقية للعمل في الاتحاد الروسي.
تحتاج روسيا وإفريقيا إلى دراسة كل مجال على أساس المصالح المشتركة، وعلى أساس الشراكة، وتحتاج روسيا وإفريقيا إلى إعادة تحديد النهج العملي لتحقيق أيّ خُطَط للتعاون الإعلامي، إن وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية لم يتم إقناعها بتبنّي الأهداف المستقبلية والأهداف السياسية المراد تحقيقها، مع أن هذه الوسائل والمنظمات هي مصدر رئيسي لتحسين المعرفة العامة، وخاصة فيما يتصل بالتطوُّرات والفرص الناشئة.
إن الحقيقة الصارخة هي أن روسيا تحتاج إلى وسائل الإعلام الإفريقية، كما تحتاج إفريقيا إلى وسائل الإعلام الروسية، حتى تتمكّن من تدعيم العلاقات في المجالات الاقتصادية، وتعزيز التفاهم الأفضل بين النخب الإفريقية والطبقة المتوسطة من خلال التقارير الإعلامية. إن الطبقة المتوسطة الإفريقية يبلغ عدد سكانها ضعف عدد سكان روسيا، وهي تكاد تعادل عدد سكان الولايات المتحدة، ووفقاً لتوقُّعات الأمم المتحدة، فإن الطبقة المتوسطة في إفريقيا تشكل سوقاً ضخمة وحيوية لاستهلاك المعلومات، وتُقدَّر حالياً بنحو 380 مليون نسمة، وقد أوضح الأستاذ "فلاديمير شوبين" (Vladimir Shubin) نائب المدير السابق لمعهد الدراسات الإفريقية، في مقابلة أُجريت معه، أن العلاقات السياسية بين روسيا وإفريقيا، فضلاً عن التعاون الاقتصادي، سوف تستمر في جذب المزيد والمزيد من المناقشات الأكاديمية، ومن شأن مثل هذه المساهمات العلمية، في جوهرها، أن تساعد في تعميق فَهْم المشاكل التي تَعُوق بناء علاقة أو شراكة متينة مع روسيا.
ومن أجل الحفاظ على هذه العلاقة، يتعين على كل من روسيا وإفريقيا إيلاء اهتمام كبير واتخاذ خُطوات مهمة في تعزيز إنجازاتهما، وتسليط الضوء على احتياجات التنمية الأكثر أهمية بطريقة شاملة لتحقيق المنافع المتبادَلة باستخدام وسائل الإعلام بشكل مناسب، وفقاً للبروفيسور شوبين، والذي أكّد أن "القادة الأفارقة يبذلون قُصَارى جُهْدهم في تطوير العلاقات الثنائية، وهم يأتون إلى موسكو بصدق وشغف أكثر من أيّ وقت مضى منذ 10 سنوات، ولكن ما يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به؛ وفي هذه الحالة، فإن لوسائل الإعلام الروسية والإفريقية دوراً كبيراً"، واختتم في النهاية قائلاً: "ربما كان الافتقار إلى المعلومات الكافية عن روسيا، أو بالأحرى وجود الكثير من المعلومات المشوَّهة، قد أثَّر على العلاقات الثنائية في العالم الجديد الناشئ".
قال "فيودور لوكيانوف" (Fyodor Lukyanov) رئيس تحرير مجلة "روسيا في الشؤون العالمية" ورئيس لجنة الدولة للسياسة الخارجية والدفاعية: "تكتب وسائل الإعلام الروسية القليل جداً عن إفريقيا وما يحدث هناك، وعن الديناميكيات الاجتماعية والسياسية في أجزاء مختلفة من القارة، ويتعين على وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية أن تبذل جهوداً كبيرة لزيادة مستوى المعرفة المتبادَلة، وهو ما من شأنه أن يحفز الاهتمام المتبادَل، ويؤدي إلى زيادة التفاعل الاقتصادي أيضاً".
وقال لوكيانوف: "إلى حدٍّ ما، قد يساهم تكثيف الاتصالات غير السياسية في زيادة الاهتمام، ولكن في حالة روسيا فإن المحرِّكات الرئيسية لأيّ تعاوُن هي المصالح التقليدية أكثر من المصالح السياسية للدولة والمصالح الاقتصادية للشركات الكبرى، نهائياً لم تكن القوة الناعمة في صفّ السياسة الروسية في حِقْبة ما بعد الاتحاد السوفياتي".
وبالمثل، أشار "بون ناغارا" (Bunn Nagara) الباحث البارز في معهد الدراسات الإستراتيجية والدولية، وعضو نادي "فالداي للمناقشة" (Valdai Discussion Club)، إلى أن "الشركات الروسية تواجه العديد من التحدِّيَات، حيث بداية هناك القليل من المعلومات المتاحة دولياً حول الفرص والإمكانيات للشراكات بين الشركات الروسية والأجنبية".
وأضاف ناغارا: "إن روسيا دولة كبيرة تمتدّ على كل من أوروبا وآسيا؛ ومن ثَمّ فإنها قادرة على بذل الكثير من الجهود لتقريب الروابط التجارية الآسيوية والأوروبية والبناء عليها، وإن تحسين العلاقات العامة ونشر المعلومات بشكل أفضل أمران مهمان للغاية، وللقيام بذلك، يتعين على روسيا بذل جهود أكبر لنشر المزيد من المعلومات حول إنجازاتها، والتقدُّم الذي أحرزته حتى الآن، وخُطَطها المستقبلية، والفرص المتاحة".
وقد أصدر نادي فالداي كتاباً إلكترونياً بعنوان "عودة روسيا إلى إفريقيا: الإستراتيجية والآفاق" من تأليف مشترك من قِبل "فاديم باليتنيكوف" (Vadim Balytnikov) و"أوليج بارابانوف" (Oleg Barabanov) و"أندري يميليانوف" (Andrei Yemelyanov) و"ديمتري بوليتاييف" (Dmitry Poletaev) و"إيجور سيد" (Igor Sid) و"ناتاليا زيزر" (Natalia Zaiser)، وقد تأسس نادي فالداي في عام 2004، مُعلِناً هدفه في تعزيز الحوار بين النخبة الفكرية الروسية والدولية، وإجراء تحليل علمي مستقلّ وغير متحيِّز للأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية في روسيا وبقية العالم.
اقترح المؤلفون صراحة ضرورة اتخاذ خُطوات لمواجهة القوالب اللغوية المسبقة، والأفكار الغربية المناهِضة لروسيا، والتي تنتشر في إفريقيا، وتُشكّل سَرْدِيّة ضدّها، حيث لا يتعاون مع الروس إلا الدكتاتوريون والمنبوذون؛ ومن ثَمّ يجب ألّا تستهدف جهود تحسين صورة روسيا النخب الفكرية والسياسية فقط، بل لا بُدّ من استهداف الرأي العامّ الأوسع أيضاً، وسيكون من المستحسَن إنشاء وتطوير أدوات إعلامية مناسبة لهذا الغرض.
يتعيّن أيضاً على وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية، بالتعاون مع المجتمع المدني، دعم الجهود الرسمية في الدفع نحو بناء صورة إيجابية وتعزيز الجهود الدبلوماسية، وإظهار موقف يَقِظ ورعاية تجاه الشتات الإفريقي في روسيا، وأن يكون الهدف الرئيسي لذلك هو التغلّب على الصور النمطية العنصرية التي لا تزال قائمة في قطاعات هامشية من المجتمع الروسي، ومساعدة المهاجرين الأفارقة المتعلمين المؤهَّلين تأهيلاً عالياً على الاندماج من خلال العمل، وهذا من شأنه، تشكيل رأي عامّ حول إفريقيا في دول الاتحاد الروسي.
وفقاً للمؤلفين ينبغي اعتبار بناء رأي عامّ إيجابي أكثر اتِّساقاً داخل روسيا وإفريقيا أمراً بالغ الأهمية في هذه المرحلة من العلاقات بين روسيا وإفريقيا، والسؤال المقدَّم هنا هو:
هل ينبغي لروسيا أن تساعد البُلدان الأخرى لأغراض سياسية فقط؟ وهل تكون البُلدان المتلقِّية للمساعدة على استعداد لتقديم دعمها السياسي لروسيا؟ وهل يمكن الوثوق بذلك والاعتماد عليه؟ وهل ينبغي لروسيا أن تبني شراكاتها على أساس مبدأ الجدوى الاقتصادية فقط؟
يرى المؤلفون أنه: "يتعين على روسيا أن تجد إجابات لهذه الأسئلة وهي تتحرك نحو تنفيذ إستراتيجيتها الإفريقية، وسوف تكون خبرتها في العمل مع الرأي العامّ والحكومات في مختلف أنحاء أوراسيا لتشكيل تصوُّرات عامة مفيدة في إفريقيا".
وفي سياق التحدِّيَات القائمة يتعين على الزعماء من كِلا الجانبين رسم خريطة طريق عملية، بعيداً عن المناقشات العامة المُمِلّة، وحان الوقت لإحداث تغييرات إيجابية في النهج الحالي، وخلق منظور جديد، والبدء التدريجي بالتحسينات العملية بدلاً من الحفاظ على الوضع الراهن القديم، وهذا يعني اتخاذ خُطوات ملموسة نحو إقامة تعاوُن إعلامي فعّال، لن يؤدي إلى توسيع فهمنا للتطوُّرات الحالية في روسيا وإفريقيا بشكل كبير فحَسْبُ، وإنما تعميقه أيضاً.
إن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن هناك حاجة إلى وجود مجتمع إفريقي مُطَّلِع، ويجب تحقيق ذلك بشكل منهجي من خلال وسائل الإعلام، بحيث يروي الأفارقة السَّرْدِيّة الروسية للجمهور الإفريقي بما يساهم بالتأثير المناسب والمفيد لتحسين العلاقة الحالية، وهذا ما تجاهله المسؤولون الروس بوضوح في تعاوُنهم الإعلامي.
تمتلك إفريقيا أكبر عدد من الشباب في العالم، الذين ينظرون إلى العالم بعيون مفتوحة، وهم مستعدون للتعاون مع الدول الشريكة، وهذه فرصة جيدة لإعلام الجيل الشابّ وجمعهم معاً من خلال المعرفة المُستمَدّة من روسيا وأوراسيا وإفريقيا.
المصدر: موقع أوراسيا ريفيو (The Eurasia Review)