تصاعدت عمليات جبهة نصرة الإسلام والمسلمين في منطقة الساحل خلال أيار/ مايو وحزيران/ يونيو 2024، حيث وصلت إلى مستويات قياسية في مالي وبوركينا فاسو، فاستهدفت الجيش البوركيني في الدرجة الأولى بنحو 70 عملية في حين استهدفت قوات الجيش المالي بنحو 20 عملية خلال هذين الشهرين.
يُلاحَظ في هذا الإطار أن الجماعة تنفذ هجمات واسعة ضدّ قواعد الجيش البوركيني في الآونة الأخيرة لتطهير المناطق المتاخمة لجنوب غرب النيجر، بهدف تأمين هذه المنطقة قبل الانتقال إلى العمل الموسَّع فيها، مما يمكنها من تنفيذ هجمات أكثر تواتُراً وشدةً ضدّ قوات الأمن البوركينابية والنيجرية من جهة، وإتاحة الفرصة لاستهداف تنظيم الدولة بشكل مركَّز من جهة أخرى.
بتاريخ 8 حزيران/ يونيو 2024 استطاعت خلية من كتائب تحرير ماسينا التابعة لتنظيم جبهة نصرة الإسلام والمسلمين المبايعة لتنظيم القاعدة في منطقة "فِتْلي" التابعة لولاية أودالان شمال شرقي بوركينا فاسو اغتيال قيادي تابع لتنظيم الدولة في المنطقة يدعى "عبد العزيز مازا" مع اثنين من مرافقيه، وذلك إثر خروجه بسيارة رباعية الدفع من بلدة تامباو Tambao وتوجُّهه نحو الشرق إلى مناطق سيطرة التنظيم في الجانب النيجري من الحدود في منطقة "دولبل" Dolbel في مقاطعة تيلابيري غربي النيجر.
تؤكد مصادر خاصة لمركز دراسات الأمن الإفريقي أن الهجوم استهدف مازا بعبوة ناسفة، وذلك بعد اختراق معسكر تدريبي منذ منتصف أيار/ مايو 2024 يُشرِف عبد العزيز مازا على عمليات التدريب فيه، وذلك من خلال الانتساب للمعسكر لمدة عشرين يوماً، وتم تحديد نقطتين متعاكستين لاستهدافه على الطريق الرابط بين مقاطعة أودالان والحدود النيجرية، والطريق الرابط بين مركز محافظة غورما وأودالان غربي المنطقة، ومع وصول سيارة "عبد العزيز" إلى موضع الاستهداف نُفِّذت العملية، مما أدى لمصرعه مع اثنين من مرافقيه.
ليس من المرجَّح أن يؤدي اغتيال عبد العزيز مازا إلى تراجُع أنشطة داعش في المنطقة، فبالرغم من كونه من القيادات المؤثرة في تمدُّد التنظيم في شمال شرقي بوركينا فاسو، إلا أن التنظيم استطاع بناء صفّ أول من القيادات والكوادر القادرة على تغطية النقص في حال وجوده، خاصة بعد توافُد العشرات من كوادر التنظيم الذين قاتلوا في سورية والعراق وليبيا إلى دول الساحل خلال عام 2023.
تشير المعلومات إلى أن هذه العملية جاءت ردّاً على تصفية ولاية الساحل في تنظيم الدولة القائد العسكري التابع لجبهة نصرة الإسلام والمسلمين في منطقة إنتيليت (إلياس أمادو موسى)، حيث كان يقود عمليات استطلاعية للتوسُّع في مناطق النفوذ المحسوبة تحت سيطرة ولاية الساحل في داعش.
من المرجَّح أن هاتين العمليتين ستدفعان لمزيد من المنافسة في المنطقة بين التنظيمين، وقد يسبق ذلك إقرار هدنة مؤقتة بين الطرفين، إلا أن الديناميات العسكرية والاقتصادية والعِرْقية في المنطقة ستؤدي في نهاية المطاف لوقوع اقتتال واسع بين التنظيمين الكبيريْنِ في المنطقة.