بتاريخ 15 أيار/ مايو أعلنت الحكومة البنينيّة رفع الحظر المفروض على استخدام مينائها لتصدير النفط النيجري، مما قد يُنهي خلافاً دام قُرابة عامٍ بين الدولتين غرب إفريقيا، إلا أن وزير المناجم والثروات في بنين أكد أنّ التفويض الممنوح للنيجر بتحميل النفط "مؤقّت"، وسيجري تقييم سلوك النيجر تجاه بنين أثناء عمليات تصدير النفط النيجري عَبْر خط الأنابيب الذي بنته الشركة الوطنية الصينية لاستجرار النفط النيجري عَبْر بنين، بطول 1930 كم -تقريبًا- حيث يُعَدّ خط الأنابيب جزءاً من الاستثمار الصيني في تنقيب النفط النيجري واستخراجه.
سرّ الخلاف
إثر انقلاب الجنرال عبد الرحمن تشياني على الرئيس النيجري المنتخب محمد بازوم في تموز/ يوليو 2023 قررت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) إغلاق كامل الحدود بينها وبين النيجر، كجزء من العقوبات المفروضة من قِبلها عليها، وهو ما قابله المجلس العسكري بإعلان إغلاق الحدود مع الدول المنتمية للمجموعة كذلك، إلا أن المجموعة ما لبثت أن أصدرت قراراً في 25 شباط/ فبراير 2024 بإعادة فتح الحدود مع النيجر، وقد قابل المجلس العسكري النيجري الخُطوة برفض إعادة فتح المعبر مع بنين، مشيراً إلى وجود خطر على الأمن القومي النيجري من قِبلها.
تشير مصادر سيادية إلى وجود مفاوضات بين فرنسا وبنين لبناء خمس قواعد عسكرية تابعة لها قرب الحدود مع النيجر لتعويض خسارتها إثر الانسحاب من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وأن مدار الأزمة بين البلدين يعود لهذه المسألة، علماً أن بنين وقّعت اتفاقية مع البعثة الدولية في دول الساحل (مينوسيما) لتدريب قوات خاصة لمكافحة الإرهاب في أجهزتها الأمنية بإشراف فرنسي وبلجيكي وأمريكي.
كيف ظهرت الأزمة الأخيرة؟
تدور الأزمة الأخيرة بين النيجر وبنين، حول قرار بنين بمنع تصدير النفط النيجري بعد انقلاب تشياني في تموز/ يوليو 2023 ثم التأكيد على منعه مرة أخرى في كانون الثاني/ يناير وبعد السماح بفتح الحدود بين البلدين في 6 أيار/ مايو قررت السلطات في بنين منع الحمولة الأولى من النفط النيجري القادمة إلى منصة سيمي بودجي الساحلية جنوب بنين.
وتشير المصادر إلى أن المنع جاء بعد ضغوط فرنسية على الرئيس باتريس تالون، إلا أن شركة البترول الوطنية الصينية (CNPC) ضغطت على الجانب البنيني للسماح بالشحنة بالعبور، علماً أن هذه الشحنة ترسَل إلى الصين كدفعة لاتفاقية قرض مدعوم بالسلع بقيمة 400 مليون دولار مع شركة البترول الوطنية الصينية المملوكة للحكومة الصينية، وستستمر كذلك على مدى 12 شهراً بمعدل فائدة 7٪.
تقدر الاستثمارات الصينية في النفط النيجري بحدود 6 مليارات دولار، وقد أسهمت أعمال تطوير حقول نفط "وديعة أغاديم" على رفع إنتاج النفط من 20 ألف برميل يوميّاً عام 2011 إلى 110 آلاف برميل يوميّاً في الوقت الحالي، 90 ألفاً منها مخصصة للتصدير.
تقدَّر احتياطيات النفط في النيجر بنحو 2 تريليون برميل، وهو ما يعني حاجة النيجر لبناء مصافي نفط وتكرير للاستفادة من هذا الاحتياطي الهائل، إلا أن تصاعُد المعلومات التي تشير لقرب بناء قواعد فرنسية قرب الحدود مع النيجر وإمكان تهديد بنين بإغلاق حدودها ومينائها الجنوبي سيزيد من تعقيد الموقف، وبالتالي احتمال اندلاع أزمة أمنية بين البلدين، حيث يمكن لكِلا الجانبين محاولة استقطاب بعض قيادات الجماعات الجهادية المنتشرة على طرفَي الحدود لإثارة الفوضى في عمق الطرف الآخر.
لتفادي ذلك كله -ولو مؤقتاً- يبدو أن بنين رضخت للضغوط الصينية للسماح للنفط النيجري بالعبور فيها من خلال خط الأنابيب الذي بنته الشركة الصينية، ومن المقدَّر أن يعبر يوميّاً نحو 90 ألف برميل إلى الصين لمدة اثنَيْ عشر شهراً، فهل سيستمر التوافُق الحاليّ أم أنه سيخضع لضغوط فرنسية لإلغائه؟