محاولات "جبهة نصرة الإسلام والمسلمين" التوغُّل في توغو

  • الرئيسية
  • محاولات "جبهة نصرة الإسلام والمسلمين" التوغُّل في توغو
Cass Banener Image
محاولات "جبهة نصرة الإسلام والمسلمين" التوغُّل في توغو

محاولات "جبهة نصرة الإسلام والمسلمين" التوغُّل في توغو


هاجمت "كتيبة حنيفة" التابعة لـ "جبهة نصرة الإسلام والمسلمين" يوم 21 تموز/ يوليو 2024 مخفر "كبيكاندي" (Kpékankandi) الحدوديّ في منطقة "كانكانتي" (Kankanti) شمال توغو، المحاذية لجنوب بوركينا فاسو.

يأتي الهجوم ضِمن محاولات تمدُّد الجبهة في المنطقة تجاه توغو، متجاوِزة بذلك منطقة نشاطها الأساسية على طول حدود بوركينا فاسو مع النيجر ومالي.

في اليوم التالي للهجوم، وبينما كان "فوري إيسوزيمنا غناسينغبي" رئيس توغو منذ 2005 يحتفل بمهرجان إيفالا التقليدي، تعرضت دورية من الجيش لهجوم من قِبل مجموعة من "تنظيم داعش" على الأرجح، في قرية تابعة لمقاطعة كبندجال (Kpendjal) شمال البلاد، مما أدى لمقتل 10 جنود على الأقل من عناصر الدورية، وبالرغم من أن المصادر التوغولية الرسمية لم تنفِ أو تؤكد هذا الرقم، إلا أنه رقم دقيق في الغالب، وذلك من خلال تحليل الصور المسرّبة للهجوم، كما أن هذا التصرف متَّسِق مع إستراتيجية الصمت التي تتبعها الحكومة منذ انتشار الجماعات الجهادية في بوركينا فاسو، الجار الشمالي لتوغو.

بعد ما يقارب 20 يوماً، وبالتحديد يوم 11 آب/ أغسطس 2024 هاجمت مجموعة تابعة للجبهة دورية من الجيش التوغولي بمنطقة "دابانغو" (Dapaong) شمال البلاد، مما أدى لمقتل عنصرين واختطاف عنصرين آخرين، وفرار بقية عناصر الدورية.

تُوجِّه هذه الحوادث غير العشوائية الأنظار نحو ما يمكن أن يحدث مستقبلاً، والإستراتيجيات التي يمكن أن تتبعها الجماعات الجهادية للتمدُّد في توغو وتوسيع نفوذها فيها على أنها سهلة الاختراق أمام هذه الجماعات.

تاريخ الهجمات الجهادية على توغو ومستقبلها

في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 شنت مجموعة من "جبهة نصرة الإسلام والمسلمين" هجوماً على نقطة عبور حدودية في مقاطعة كبندجال (Kpendjal) شمال توغو أدى لمقتل 17 جندياً توغولياً، وأعلنت القوات الحكومية آنذاك تحييدها لجميع عناصر المجموعة المهاجمة، تَلَا ذلك في شباط/ فبراير 2023 مهاجمة الجبهة للنقطة الحدودية ذاتها، وأسفر الهجوم عن مقتل 31 مدنياً، وقام الجيش التوغولي بالردّ عَبْر حملة تمشيط واسعة أدت لمقتل 13 عنصراً من المهاجمين.

بالانتقال من الحدود الشمالية لتوغو إلى حدودها الشمالية الشرقية مع "بنين" نفذت الجماعات الجهادية في الجبهة والتنظيم 3 هجمات منذ عام 2022، ورغم أن المنطقة تبدو هادئة إلا أنها مرشّحة للانفجار الأمني والجهادي.

بقيت هذه الهجمات في وتيرة ثابتة نسبياً، إلا أن 3 هجمات متتالية خلال أقل من شهر بين تموز/ يوليو وآب/ أغسطس 2024 يرجح أن تتزايد الهجمات الجهادية شمال توغو، خاصة مع وجود معلومات خاصة بـ "مركز دراسات الأمن الإفريقي" تؤكد قرب انتهاء المشاورات لضمّ مجموعة "أنصارو" النيجيرية المتمركزة في الولايات الشمالية والغربية في نيجيريا إلى صفوف الجبهة، وانضوائها في لواء عسكري ضِمن "كتيبة حنيفة" المنتشرة في مثلث بوركينا فاسو وشرق مالي وغرب النيجر.

إذا تم هذا التوجه فيرجح أنَّ كلاً من توغو وبنين ستكونان أمام هجمات جهادية متصاعِدة من الجبهة والتنظيم، حيث تسعى كل جماعة منهما لتوسيع أنشطتها وشبكاتها في المناطق الرخوة المحيطة بمناطق انتشارها الأساسية، وبناءً على ذلك يمكن التأكيد أن هجمات التنظيم الأخيرة في توغو تتجاوز الأمن المحلي في توغو وتتصل بشكل وثيق مع التطوُّرات الإقليمية للشبكات الجهادية المتصاعدة غرب إفريقيا.

الطفرة الحاليّة.. هل من أسباب؟

استطاعت "جبهة نصرة الإسلام والمسلمين" منذ نيسان/ إبريل 2024 توسيع حضورها الأمني والعسكري في مثلث دول الساحل عموماً، وفي بوركينا فاسو على وجه الخصوص، وبناءً على هذا التوسُّع وازدياد الموارد المالية والعسكرية أنشأت الجبهة "كتيبة حنيفة" التي تولّت مهمة التوسُّع إلى جهات جديدة بشكل طولي من جنوب بوركينا فاسو إلى غرب النيجر.

أصبح محيط العاصمة البوركينية "واغادوغو" (Ouagadougou) ضِمن مناطق عمليات المجموعات الجهادية العسكرية التابعة للجبهة، وباتت الجبهة و"ولاية الصحراء الكبرى" في "تنظيم داعش" تسيطران بشكل شِبه كامل على حدود النيجر ومالي، مما أتاح للجماعتين القيام بعمليات تسلُّل عَبْر الحدود الجنوبية لبوركينا فاسو ونيجيريا على حدّ سواء نحو توغو وبنين، بدايةً لم يكن للهجمات تأثير كبير، لكن أصبحت مؤثرة مع الهجمات الأخيرة.

إنَّ توسُّع الهجمات شمال توغو على طول حدودها مع بوركينا فاسو سيضع قواعد الجيش التوغولي أمام خطر وجودي حقيقي، فقد كانت السيطرة على قاعدة "كبيكاكندي" في شمال توغو مؤشراً على سرعة انسحاب الجيش المفاجئ من القاعدة، وترك عشرات البنادق والرشاشات المتوسطة والمركبات المدرعة خلفه، والتي آلت بدورها إلى الجبهة، ونتيجةً لهذا الهجوم يمكن القول: إنَّ الجبهة ستبدأ التوسُّع في شمال توغو، بناءً على زخم الانتصارات التي تحققها ضد الجيش البوركيني من جهة، وفائض القوة النارية التي تحصّلها من جهة أخرى، وهو ما يمكن أن يوسّع نفوذها مستقبلاً للوصول إلى الخطّ الساحليّ الجنوبي لغرب إفريقيا.

 

 



مواد ذات صلة
وصول طلائع القوات الروسية إلى بوركينا فاسو
الدور الإماراتي في انقلابات دول الساحل