بتاريخ 29 أيار/ مايو 2024 سيحتفل الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو بمرور عام على توليه منصب رئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية، حيث يُشار إلى أنه بالرغم ضخامة فريقه الحكومي الذي يصل إلى 48 وزيراً -عدا المستشارين- إلا أنه أجبر وزراءه على توقيع تعهُّدات بالاستقالة خلال سنة ما لم يحققوا الأداء المطلوب منهم، كما كلّف مستشارته المقربة منه خديجة بالا عثمان بمتابعة أدائهم وتقييمهم باستمرار.
كما أُطْلِق تطبيق Citizens' Delivery Tracker الذي يتيح للمواطنين تقييم أداء الوزراء بشكل منفصل، من خلال التركيز على مدى تحقيقهم للأهداف التي حددها الرئيس لكل وزارة، مثل: إصلاح الاقتصاد، وتعزيز الأمن الداخلي، وتعزيز الزراعة، وتعزيز استثمار الطاقة البديلة والموارد الطبيعية، وتطوير العملية التعليمية والصحة...إلخ.
مواجهة الفساد.. أين وصل الرئيس؟
تشير المعلومات الواردة من نيجيريا إلى وصول الرئيس وفريقه المكلّف بمكافحة الفساد والاختلاس الحكومي إلى مراحل متقدمة من العمل، حيث تجددت قضايا الملاحقة القضائية للعديد من المسؤولين، وتم الكشف عن شبكات لمسؤولين تورطوا في دعم عمليات غسيل الأموال، إلى جانب إقالة عدد من حكام الولايات والأقاليم في مختلف أنحاء البلاد واستدعائهم للتحقيق بتهم الفساد.
على سبيل المثال فإن (ويلي أوبيانو) الحاكم السابق لولاية أنامبرا جنوب شرقي البلاد استقال من منصبه في 2022 إلا أن الرئيس أخضعه للتحقيق خلال 2023، وهو يخضع للمحاكمة بتهم الفساد منذ أواخر كانون الثاني/ يناير 2024 أمام المحكمة الاتحادية في العاصمة أبوجا، حيث تركز الدعوى على إسهامه بغسل أموال بقيمة 4 مليارات نيرة – ما يُقدَّر بـ 4.5 مليون دولار-، كما طلب الرئيس من وكالة مكافحة الكسب غير المشروع التحقيق مع الحاكم لولاية (أبيو) ثيودور أورجي بتهمة غسل أموال بقيمة 551 مليار نيرة -ما يُقدَّر بثلاثة ملايين و600 ألف دولار- حيث قُبض عليه عام 2021 ثم أطلق سراحه لاحقاً في العام نفسه.
إلى جانب ذلك فقد طلب الرئيس مراجعة ملفات الفساد لثلاثة عشر حاكماً من حُكّام الأقاليم، بينهم سبعة من أقاليم الجنوب، وستة من أقاليم الشمال، علماً أن الأحكام التي صدرت لصالحهم تعود لقضايا من عام 2007، في حين أن الرئيس يريد نقض الأحكام والتحقيق بمزاعم الفساد من جديد.
على سبيل المثال، فقد انتهت القضية المتعلقة بالحاكم السابق لولاية إينوغو تشيماروكي ناماني عام 2018، حيث قام القاضي الاتحادي بتبرئة المتهم من التهم المنسوبة إليه، وهي الإسهام في غسل أموال بقيمة 5.3 مليار نيرة -6 ملايين دولار- عام 2007، وذلك أثناء مدة حكمه الممتدة من 1999 إلى 2007، وبالرغم من أنه توصل إلى صفقة إقرار بالذنب مع الحكومة النيجيرية آنذاك، مما أدى إلى إلغاء التهم الموجهة إليه إلا أن المحكمة الاتحادية أعادت توجيه التهم له مرة أخرى.
وفي شباط/ فبراير 2024 أعلن حزب المؤتمر الشعبي العام في ولاية بايلسا جنوب نيجيريا، رفضه لاعتقال لجنة مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية للحاكم السابق لولاية بايلسا تيميبري سيلفا، إلا أن الحاكم المنتمي لحزب الشعب الديمقراطي دوي ديري أشار إلى وجود دعاوى وتهم ضده بغسيل أموال تصل بمجموعها إلى 19.2 مليار نيرة في محكمة اتحادية في أبوجا.
ولعل القضية الأكثر بروزاً في قضايا إعادة التحقيق مع المتهمين هي قضية الحاكم السابق لولاية ريفرز -أغنى ولاية نفطية في نيجيريا- بيتر أوديلي الذي حصل عام 2008 على حصانة من إحدى المحاكم الفيدرالية ضد الاعتقال من قِبل لجنة الجرائم الاقتصادية والمالية، وذلك لتُهَم اختلاس طالته أثناء حكمه للولاية بين عامَيْ 1999 و2007.
أما في ولايات الشمال فقد أعلنت لجنة مكافحة الفساد أنها ستراجع قضايا تعود إلى ما قبل عام 2015 وتتعلق بوالي كلٍّ مِن زامفارا (بيلو متولّي) المتهم بغسل 70 مليار نيرة، ونصراوا (عبد الله أداموا) المتهم بغسل 15 مليار نيرة، وكانو (رابيو كوانكواسو) المتهم باختلاس 10 مليارات نيرة من معاشات المتقاعدين في الولاية، وغومبي (دنجوما غوجي) بتهمة الاحتيال على الدولة بقيمة 500 مليار نيرة، و(غيجاوا) سولي لاميدو المتهم بغسل نحو مليار و500 مليون نيرة.
ما مصير هذه الحملة؟
تشير المصادر إلى وصول هذه الحملة إلى عشرات المسؤولين من مختلف الطبقات، إلا أنه بالرغم ذلك، قد يُوقِف الرئيس الحملة بعد الذكرى السنوية لتوليه منصبه، وفي أرجح الاحتمالات، فإن استمرار هذه الحملة سيكون بمعزل عن الحكّام المتورّطين بقضايا الفساد الذين كانوا داعمين له في حملته الانتخابية، وبالتالي فإن البتّ في القضايا المعاد فتحها أو الجديدة قد يؤول الحكم فيها إلى تسويات سياسية ومالية معينة، دون أن تتطور هذه الحملة إلى تطهير لكامل أركان الدولة ومؤسساتها، حيث إن كثيراً من داعمي الرئيس نفسه في الوصول إلى منصبه بنوا ثرواتهم بالطرق المشار إليها ذاتها.