تصعيد جبهة نصرة الإسلام والمسلمين عملياتها في بوركينا فاسو

  • الرئيسية
  • تصعيد جبهة نصرة الإسلام والمسلمين عملياتها في بوركينا فاسو
Cass Banener Image
تصعيد جبهة نصرة الإسلام والمسلمين عملياتها في بوركينا فاسو

تصعيد جبهة نصرة الإسلام والمسلمين عملياتها في بوركينا فاسو

ازدادت نسبة المساحة الخارجة عن سلطة الدولة منذ عام 2022 إلى نحو 40% مما فاقم التحديات التي تواجهها بوركينا فاسو سواء من الناحية الأمنية أم الإنسانية أم السياسية أم الاجتماعية أم الاقتصادية، وفي ظل استمرار تصاعُد التهديدات التي تشكلها الجماعات الجهادية، تتصاعد هجمات جبهة نصرة الإسلام والمسلمين في الولايات الشمالية والشمالية الشرقية من بوركينافاسو، وذلك على خلفية المشهد الأمني المعقَّد في منطقة الساحل الإفريقي، منذ مطلع أيار/ مايو 2024، حيث جبهة نصرة الإسلام والمسلمين ما لا يقل عن 50 عمليّة ضدّ قوات الجيش في مالي وبوركينا فاسو التي تعاني أوضاعاً أمنية مضطربة منذ ظهور التنظيمات الجهادية في دول الساحل منذ 2012 وما تلا ذلك من توسُّعها وانشطارها إلى تنظيمات موالية إما لتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة في المنطقة.  

جبهة نصرة الإسلام والمسلمين  

تشكَّلت الجبهة عام 2017 بوصفها مظلة جهادية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، لتعلن بيعتها بما فيها من فصائل جهادية لتنظيم القاعدة، وقد تلا ذلك انشقاق كتيبة المرابطين عن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وبيعتها لتنظيم الدولة وتأسيسها ولاية الساحل، مما جعل الطرفين أمام مواجهات حتمية تكررت عدة مرات في مواقع مختلفة من هذه المساحة.  

لجأ الطرفان إلى اتفاق على هدنة ضمنية مطلع عام 2022 استمرت حتى نيسان/ إبريل 2024، حيث صعّدت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين -معتمِدةً على كتائب تحرير ماسينا التي تُعَدّ من أكبر مكوناتها العسكرية والبشرية- هجماتها ضد كل من داعش والقوى العسكرية الحكومية والموالية لها في دول الساحل -خاصة في بوركينا فاسو-، بالتزامن مع استمرار مظاهر عدم الاستقرار السياسي أيضاً خاصة بعد الإعلان عن تمديد حكم المجلس العسكري هناك لمدة خمس سنوات بقيادة إبراهيم تراوري في 26 أيار/ مايو 2024.  

عمليات جبهة نصرة الإسلام والمسلمين.. التوزُّع والأسباب  

توزعت معظم عمليات القاعدة في ولايات الشمال والشمال الشرقي في بوركينا فاسو، بالقرب من الحدود مع مالي والنيجر، فاستهدفت في الدرجة الأولى عدة قواعد عسكرية للجيش في ولايات "بانفورا/كاسكاد" و"واهيغويا" و"سوم" و"سينو/دوري" و"غوروم/أودالان" فيما نفذت عملياتها المتبقية في ولايات قريبة من العاصمة واغادوغو، مثل ولاية "تابوا"، و"غورما/فادانغورما" و"كودوغو".  

يمكن الإشارة إلى العديد من العوامل التي سبَّبت هذا التوسُّع، أبرزها: حرص الجبهة على إقصاء داعش وتقليص نفوذها في منطقة مثلث الحدود بين بوركينا فاسو، والنيجر ومالي، وسعيها لتوسيع عمليات التجنيد لصالح مكوِّنات جبهة نصرة الإسلام والمسلمين ككتائب تحرير ماسينا وجماعة أنصار الإسلام. 

 

إلى جانب ذلك ذكرت مصادر خاصة لمركز دراسات الأمن الإفريقي أن الجبهة وحّدت مركز الدعم المالي والعسكري لكتائب شرق بوركينا فاسو، وذلك بهدف تسهيل أعمالها العسكرية والدعائية، ووضعت نُصْب عينيها توسيع هجماتها الواسعة على قواعد الجيش البوركيني، بهدف السيطرة على مزيد من المساحات شمال بوركينا فاسو، في ظل الضعف الأمني الذي تعاني منه المنطقة، وبالتالي فإنها تكثف من هجماتها على النقاط العسكرية الثابتة لتطهير المنطقة، قبل الانتقال إلى العمل في منطقة جنوب غرب النيجر، مما يمكنها من تنفيذ هجمات أكثر تواتُراً وشدةً ضد قوات الأمن البوركينابية والنيجرية التي ستكون معزولة عن مراكز الدعم والإسناد في المستقبل القريب، وبالتالي فإنها تسعى لقطع خطوط الاتصال البرية بين القوات والقواعد الرئيسية للجيش القادرة على إسنادها، وهو ما يتيح لها فرض حصار على المراكز السكانية الرئيسية في المنطقة في حال أرادت اقتحامها لاحقاً.  

غذَّت هذه الأسباب سياقات أخرى، أبرزها ظهور الجماعات المسلحة الخارجة عن سلطة الدولة، وتفكُّك المجموعات المحلية المسلحة التي أنشأتها الحكومة البوركينية، وسيولة الحدود المشتركة مع مالي والنيجر، إلى جانب تشابُك التحدِّيَات الأمنية في بوركينا فاسو مع التطوُّرات السياسية والاجتماعية في دول الجوار، وضعف تمويل القوات المسلحة والمجموعات الموالية لها.  

إلى جانب ذلك فإن الضعف الأمني في المنطقة -الذي ازداد هشاشة مع الانقلابات العسكرية في السنوات الماضية- بات سِمَة أساسية للوضع عموماً، خاصة مع استبدالها القوات الغربية تدريجياً بالفيلق الإفريقي الروسي وقوات "فاغنر"، إلى جانب تصعيد القوات الروسية على نحو منتظم هجماتها العشوائية مع ميليشيات عِرْقية محلية ضد السكان المحليين بحجة مواجهة الجماعات الجهادية مما يؤدي إلى زيادة تطرُّف عدد من السكان المحليين الذين يتعرضون لمذابح عِرْقية متصاعدة، وهو ما يتيح لجبهة النصرة وتنظيم الدولة في الساحل -على حدّ سواء- تصعيد عملياتهما في المنطقة، وهو ما يجعلنا أمام احتمال تحوُّل المنطقة إلى نقطة انطلاق لمئات المقاتلين المشاركين في هجمات واسعة النطاق خلال المستقبل القريب.  

كما تواجه بوركينا فاسو وعموم الدول في دول الساحل مشكلة استدامة تمويل برامجها الأمنية المخصَّصة لمكافحة الجماعات الجهادية، بالرغم من امتلاكها لاحتياطيات هائلة من الذهب والثروات الباطنية، إلا أنها تواجه مشكلة في تجهيز المقاتلين تسليحيّاً وآليات التنقل، كما تتأخر في دفع رواتب مقاتلي بوركينا فاسو المتطوعين التي لا تتجاوز 100 دولار، كما أنها تصل للمتطوع منقوصة بنسبة 40- 60% غالباً، مما يدفع العناصر للانسحاب من الميليشيات التي شكَّلها الجيش.  

من المؤكد أن التنظيمات الجهادية شمال وشرقي بوركينا فاسو تعمل على تنفيذ انتشار أوسع في المنطقة، مستنِدةً في ذلك إلى ديناميّات بالغة التعقيد والتشابُك، كتصاعُد التوتُّرات العِرْقية، وانتشار المَظْلُوميّة الدينية وتصاعُد المجازر في حقّ المدنيين، والصراعات على الموارد الطبيعية والاقتصادية في المنطقة، مما يزيد من تجنيد الشباب في الجماعات الجهادية التي تُظهِر لهم سعيَها الحثيث لتحقيق العدالة الاجتماعية.  

كما يُسلِّط توسُّع العمليات الجهادية في بوركينا فاسو ومالي والنيجر الضوء على مدى حرية هذه الجماعات في التحرُّك عَبْر الحدود، وكذلك قدرتها على التحكُّم بطرق التهريب وشبكاته، مما يُوفِّر لها بيئة مناسبة للتوسُّع.  



مواد ذات صلة
أهداف المساعي الروسية لتطوير العلاقات مع تشاد
اقتحام حركة الشباب لفندق في مقديشو