إفشال مخطط للانقلاب على رئيس بنين

Cass Banener Image
إفشال مخطط للانقلاب على رئيس بنين

إفشال مخطط للانقلاب على رئيس بنين


أعلن المدعي العامّ في محكمة الجرائم الاقتصادية والإرهاب في بنين بتاريخ 27 أيلول/ سبتمبر 2024 اعتقال كل من: قائد الحرس الجمهوري وهو المكلّف بحماية رئيس الدولة الجنرال دجيمون ديودوني تيفويدجي (Djimon Dieudonne Tevoedjre)، ووزير الرياضة السابق أوزوالد هوميكي (Oswald Homeky)، وكان قبل ذلك قد تم اعتقال رجل الأعمال أوليفييه بوكو (Olivier Boko)، بتهمة محاولة الانقلاب على رئاسة الدولة.

في هذا السياق، تشير مصادر لمركز دراسات الأمن الإفريقي إلى أن رجل الأعمال بوكو، وبوساطة من صديقه الوزير السابق هوميكي، أقنعا الجنرال تيفويدجي بتنفيذ هذه العملية مقابل 1.5 مليار فرنك إفريقي (نحو مليونَيْ يورو) علماً أن الشخصيات الثلاثة مقربة بشكل شخصي من الرئيس البنيني باتريس تالون (Patrice Talon).

بدأت الشكوك تدور حول عملية الانقلاب منذ مطلع آب/ أغسطس 2024، حيث افتتح كلٌّ من هوميكي وبوكو حسابات مصرفية في دفاتر بنك NSIA في ساحل العاج (رسمياً كوت ديفوار Cote-d'Ivoire) باسم الجنرال تيفويدجي، برصيد أولي قدره 105 ملايين فرنك إفريقي، ليتتالى بعد ذلك عمليات نقل الأموال إلى البنك من خلال 129 عملية إيداع، وكانت الأموال تنقل عَبْر سيارات تويوتا رباعية الدفع من طراز برادو (Toyota - LC Prado) مملوكة للوزير السابق هوميكي.

مَن حرّض على الانقلاب؟

ليلة 23 أيلول/ سبتمبر 2024 اعتُقِل رجل الأعمال بوكو على يد عناصر من فرقة مكافحة الإجرام، أثناء توجُّهه مع زوجته إلى منزل الرئيس في بنين لتلبية دعوتهما لوليمة عشاء.

رجل الأعمال بوكو ليس له منصب رسمي، ومع ذلك كان يُنادَى بلقب "نائب الرئيس" منذ تولي تالون الحكم عام 2016، فهو يده الاقتصادية منذ 20 عاماً، ومالك مجموعة شركات Dfa الغذائية.

بدأت العلاقة بين الطرفين بالتوتر حين أشاع بوكو في تموز/ يوليو 2023 سعيه لخلافة الرئيس تالون، وأظهر في عدة مواقف إعلامية طموحاته السياسية، ورغبته في تحسين العلاقة مع النيجر وروسيا في المنطقة، وقد تلا ذلك استقالة وزير الرياضة السابق هوميكي في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 الذي دعا لدعم ترشُّح بوكو لخلافة الرئيس تالون الذي يمنعه الدستور الحالي من الترشح لولاية رئاسية ثالثة في انتخابات 2026.

في هذا الإطار، تشير مصادر لمركز دراسات الأمن الإفريقي إلى أن الرئيس تالون طلب من رجل الأعمال بوكو عدم خوض غمار السياسة، وترك موضوع الترشح للحكم خلفاً له، وأسرّ له بأنه كان يفكّر في تعديل الدستور للبقاء في الحكم لفترة أطول.

في ضوء هذا التوتّر، أقنع الوزير السابق هوميكي صديقه بوكو بإمكانية تنفيذ انقلاب عسكري ضد الرئيس الحالي، وإنشاء مجلس انتقالي برئاسته، ثم إجراء انتخابات رئاسية عام 2026 بما يضمن فوز بوكو فيها، وهو ما ابتدأ الطرفان تنفيذه بإقناع الجنرال تيفويدجي بتنفيذ الانقلاب لقاء مبالغ مالية وإشراكه بمنصب سيادي في قيادة الجيش خلال المرحلة الانتقالية وما بعدها.

تداعيات على مستوى المنطقة

من المحتمل أن يؤثر الانقلاب في بنين حال نجاحه على الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وبالتالي دفع الولايات المتحدة للانسحاب من بنين وقطع التعاون العسكري والأمني معها، على غرار ما جرى في مالي والنيجر.

يُلاحَظ في هذا السياق أن الولايات المتحدة تسعى لتعزيز قدرة بنين على الصمود في مواجهة التهديدات الأمنية، سواء من خلال إدراج بنين في مشروع مواجهة الهشاشة العالمية الأمريكي  (GFA)أم من خلال المساعدات التي تقدمها وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الدفاع والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) التي تساعد بنين في تمويل قوات الأمن والسلطات الحكومية في شمال البلاد لتحسين الاستقرار المحلي، أو من خلال قيامها بتوسيع مطار باراكو (Parakou Airport) شمال بنين، بهدف تحسين مسارات الهبوط والإقلاع، وإنشاء مرابض محميّة للطائرات العسكرية الأمريكية، وإنشاء ملاجئ للمروحيات الأمريكية التي ستتمركز فيها.

لقد تسبّب انقلاب تموز/ يوليو 2023 في النيجر بإعلان إيقاف التعاون العسكري الأمريكي معها في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وساهم إنهاء التعاون مع النيجر بإعلان الحكومة النيجرية إلغاء الصفقات الدفاعية مع الولايات المتحدة في آذار/ مارس 2024 ثم مغادرة القوات الأمريكية من أرضها في آب/ أغسطس 2024، وتعزيز التعاون مع شركاء آخرين أهمهم روسيا وتركيا. وقد أدت الانقلابات في مالي عامَيْ 2020 و2021 وفي بوركينا فاسو عام 2022 إلى تنصيب مجالس عسكرية معادية لفرنسا والولايات المتحدة والغرب عموماً، مما أدى إلى تقليص التعاون العسكري والاستخباراتي فيهما لصالح روسيا وقواتها بما في ذلك الفيلق الإفريقي (قوات فاغنر سابقاً)، ومن ثَمَّ فإن الوجود الأمريكي في بنين يُعَدّ أساسيّاً؛ لتدعيم جهودها في منطقة خليج غينيا وتعزيز مساعيها في مراقبة الجماعات الجهادية في منطقة الساحل من جهة، ومراقبة أنشطة الدول المنافسة لها في المنطقة، مثل الصين وروسيا وتركيا من جهة أخرى.

مع تزايُد التوتُّرات الناتجة عن الانقلابات المتتابعة في دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو، تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة لتعزيز وجودها العسكري والدبلوماسي في الدول المستقرة نسبياً مثل بنين، ومن ثَمّ فإنه من المحتمل أن يكون للولايات المتحدة دور في إفشال خطة الانقلاب النخبوي فيها، حيث إن أيّ تغيير في النظام السياسي في بنين، قد يدفع الولايات المتحدة إلى الانسحاب منها، مما سيؤدي إلى فتح المجال أمام قُوى أخرى مثل روسيا والصين لملء الفراغ، وبالتالي إعادة رسم خريطة التحالفات في المنطقة. 

 



مواد ذات صلة
تحرُّكات جبهة نصرة الإسلام في بوني
حركة الشباب تعتمد تقسيمات إدارية جديدة في جنوب الصومال