تحرُّكات جبهة نصرة الإسلام في بوني

Cass Banener Image
تحرُّكات جبهة نصرة الإسلام في بوني

تحرُّكات جبهة نصرة الإسلام في بوني


بتاريخ 20 أيار/ مايو 2024، هاجمت جبهة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة ثكنة عسكرية للجيش النيجري في منطقة بوني التابعة لإقليم تيلابيري في النيجر، مما يشير إلى أسئلة استفهام واسعة حول خلفيات الإقدام على هذه الخُطوة التي من شأنها تصعيد المنافسة بين التنظيمين وإنهاء حالة الهدوء المتوافَق عليه ضمنيّاً منذ تموز/ يوليو2022.     
 

تأتي هذه العملية في سياق تصاعُد التوتُّرات في منطقة الساحل الإفريقي، سواء من خلال توسيع الجماعات الجهادية لنطاق عملياتها في المنطقة، أو من خلال تصعيد الجماعات الأزوادية لعمليات التنسيق السياسي ومواجهة الجيش المالي بهدف استعادة زمام المبادرة شمال شرق مالي والعودة للمناطق التي سيطر عليها الجيش بمساندة من ميليشيات فاغنر.     
 

تشير معلومات إلى أن الإمارات طلبت من رئيس "المجلس الأعلى لوحدة أزواد" العباس آغ آنتالا تحفيز جبهة نصرة الإسلام والمسلمين في منطقة سيغو التابعة لولاية موبتي المحاذية لمناطق نفوذ تنظيم الدولة من الغرب لاختراق مناطق داعش في إقليم تيلابيري القريبة من العاصمة النيجرية نيامي؛ نظراً لكون العباس آغ آنتالا قياديّاً سابقاً في كتائب أنصار الدين التي تُعَدّ واحداً من مكوّنات جبهة نصرة الإسلام والمسلمين، وقد خرجَ من تشكيله الجهادي لينضم إلى تنسيقيات الحركات الأزوادية بتشكيل جديد، هو "المجلس الأعلى لوحدة أزواد" بتوجيه من الإمارات ليكون الدعم المقدَّم له ولجبهة أنصار الإسلام والمسلمين مندرجاً تحت العمل الإنساني ودعم الحركات السياسية الأزوادية.     
 

من المؤكد أن هذا الاستهداف يحمل دلالات عديدة، إلا أن أبرزها هو سعي الإمارات لتصعيد الفوضى في المنطقة كسبيل لترسيخ حضورها فيها، ولتقديم خدمات لحليفها الجنرال عبد الرحمن تشياني في النيجر، من خلال إبعاد داعش عن العاصمة قدر المستطاع وفتح الطريق أمام الجيش النيجري لتطهير مناطق نشاطه قرب الحدود مع مالي، بمساعدةٍ غير مباشرة من حركة أنصار الدين المنضوية في جبهة نصرة الإسلام والمسلمين من خلال الهجوم على مناطق نفوذ داعش والاشتباك معه فيها لاحقاً بهدف دفعه للانسحاب منها.     
 

في هذا الإطار، يجدر الإشارة إلى أن داعش هاجم القاعدة نفسها في 15 آب/ أغسطس 2023 وأسفر هجومه عن مقتل نحو 20 عنصراً من الجيش النيجري، وإصابة 17 آخرين، وتلا ذلك توسُّع التنظيم في المنطقة جنوباً وغرباً، واختراقه مثلث الحدود مع مالي وبوركينا فاسو، مما يُعَدّ تهديداً متنامياً للدول الثلاث، خاصة عاصمة النيجر نيامي القريبة نسبياً من مناطق نشاطه مقارَنة بالدول الأخرى، وبالتالي فإن عجز الجيش النيجري عن تطهير المنطقة ومواجهة داعش فيها، ثم بَدْء الجماعات المنضوية في القاعدة استهداف المنطقة ذاتها، يُعَدّ مؤشراً على سعي القاعدة للاستفادة من مساحة التحرُّك المتاحة لها حاليّاً، سواءً انسحبت منها لاحقاً أم سيطر عليها الجيش النيجري، ففي كِلتا الحالتين يُعَدّ ذلك مؤشراً على ضعف خصمه -داعش- وتراجُع مساحات نفوذه مقارَنةً بمساحات نفوذ القاعدة.   

 

موقف داعش من الهجوم    
 

لم يَقُمْ داعش حتى 22 أيار/ مايو بالردّ على هذا الهجوم، مما يفتح الباب أمام عدة تفسيرات، أبرزها: تحضير داعش لاختيار مساحة إستراتيجية للرد، بحيث لا تنعكس -في حال الفشل أو النجاح- على قدراته وحضوره الأمني في المنطقة، إلى جانب أن داعش في الوقت الحالي يركّز  -بحسب مؤشرات العمليات العسكرية التي ينفذها- على شرقي مالي وشرقي النيجر، مما يجعله يؤخر حالة الصدام مع جبهة نصرة الإسلام والمسلمين في هذا الهجوم.   

من الممكن أن يكون لداعش تقديرٌ مسبَق واستشرافٌ لوقوع مثل هذه العمليات من قِبل خصومه الجهاديين في المنطقة، أو ربما سرّبت جهات قَبَلِيّة لقيادات من التنظيم غاية الإمارات من تحريض أجنحة داخل جبهة النصرة لإعلان انهيار الهدنة الضمنية بينهما، بهدف ضرب الجماعتين بعضهما بعضاً، وبالتالي فإنه يقدّر الانعكاسات السلبية على حضوره في المنطقة في حال الردّ على الهجوم الآن، مما يدفعه للتأنّي وتأجيل الرد والاشتباك.   

 

 



مواد ذات صلة
تنظيم القاعدة يتمدّد في بوركينا فاسو
وصول طلائع القوات الروسية إلى بوركينا فاسو